الثلاثاء، 7 مايو 2013

تبادل أدوار






سقطت من عينيها لآلئ الدموع وراحت تنظر لي بدفء، شعرت أننى لا أستقبله بل أستدعيه، هذا المشهد كله يبدو كذكرى دافئة تبعث ألماً خفيفاً.  تجلس مستلقية على فراشها تختبىء تحت الأغطية كقطة، تتحدث عما يجرى وما قد جرى، وأنا جالس على الكرسي المقابل أشعر بطعنة كلما سمعتها تقول شيئاً مألوفاً، أرتجف، فأنا أشعر ببرد دائم، وتراقبنى هى ويرتسم على وجهها تعبير يدل على قلة الحيلة، أشعر بجسمى متصلباً فى البداية ثم ما يلبث أن يلين تدريجياً وأنا أسمعها وهى تستدعى أيام "شم النسيم" عندما كان الجميع يلتف حول الراديو فى انتظار أغنية "حليم" الجديدة، وتعقب: " لقد كانت أياماً دافئة "، ابتسم فتبتسم و قد لان وجهانا، أقل لها: " تحدثى بصوت أعلى حتى أتأكد أنى لست وحدى"، أبدو كعجوز فى السبعين من عمره بينما يتناقص عمرها تدريجياً كلما استطردت فى الحديث عن الأمس أنا أيضاَ أشعر برغبة فى الحديث عن الأمس، ولكن للأسف لم يبق منه سوى صور مشوهة، نهايات أفسدت تفاصيل أحببتها ووجوه لم أعد أعرفها، أقل لها: " تحدثى بصوت أعلى كى لا أتلاشى"، تقل لى: "بعض من الألوان ستجعلك أفضل"، أنظر فى المراّه فألاحظ أننى صرت لا أرتدى سوى اللون الرمادى، وصرت أعانى من صداعاً نصفياً مميتاً لا أعرف له لوناً، أقل لها : " تحدثى بصوت أعلى حتى أجد سبباً للامتنان"، أنا.. أنا أخاف من أبُث شكواى إلى الله ، أنا أخاف من الله و كنتُ يوماً أحبه أكثر، أخشى أن تترد هذه الأفكار كثيراً فى رأسى ، أنا أشعر بالهزيمة، فأقل لها: "تحدثى بصوت أعلى حتى لا يأتى الغد خالياً مني". 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق